تشهد محلات بيع الفضة المنتشرة في معظم المدن المغربية إقبالا كبيرا من المغاربة والسياح،حيث تعتبر حلي الفضة هدية مميزة وتذكارا مناسبا لمن زار المغرب، وتختزل صناعة الحلي الفضية المغربية حضارة متميزة لمدن الجنوب، سيما مدينة تزنيت التي اشتهرت بصناعة الحلي الفضية، لوجود مناجم الفضة بها.
وقد أدى الإقبال المتزايد على الفضة إلى انتعاش سوق الفضة، مقابل ركود سوق الذهب نتيجة انخفاض أسعار الأولى، وارتفاع أسعار الثانية، خصوصا أن حلي الفضة باتت تلبي أذواق النساء، بعد تحديث صناعة الفضة، وإدخال تقنيات حديثة في ترصيع الأحجار وصياغة الإكسسوارات.
وهجرت المغربيات جميع أنواع حلي الذهب، وأصبحن يتزين بإكسسوارات الفضة كالأساور والأقراط والخواتم والساعات والخلاخل التي تصدّر من مدينة تزنيت، وتتوزع على جميع مدن المغرب، وفي المحال التجارية المغربية بالخارج، وللرجال أيضا نصيب من ثروة هذه المدينة، حيث إن أغلب المغاربة يرتدون خواتم الزواج الفضية من صنع صاغة هذه المدينة.
وتقول فاطمة دحمان (اختصاصية تجميل)"لاحظنا في الفترة الأخيرة أن النساء لا يملن إلى شراء الكثير من الحلي الذهبية، والاحتفاظ بها كثروة، بل أصبح الجيل الجديد من النساء يرفعن شعار (الزينة بأقل تكلفة ممكنة)، مما يؤمن لهن الظهور بمظهر جميل وبتكلفة قليلة، بينما لا تستطيع المرأة التي تشتري حلي الذهب والمعادن النفيسة استعمالها دوما، بسبب تغير الموضة والخوف من تعليقات النساء، حين تظهر بها في أكثر من مناسبة،فتلجأ إلى شراء طقم جديد، وتقنع نفسها بفكرة ادخار المال في الذهب".
وتشير دحمان إلى أن النساء يحرصن على الظهور في كامل أناقتهن فيقبلن على الحلي لتكتمل زينتهن، ومن الأفضل أن تستعمل المرأة حليا صغيرة وأنيقة على أن تستعمل حليا باهظة الثمن، ولا تمنحها الطلة الجميلة، فالتزيين لا يتطلب الكثير من المال، بقدر ما يحتاج لتجيد الاختيار، وتبحث عما هو جميل وأنيق ومناسب".
وعن أهم أنواع حلي الفضة التي تستعملها المرأة المغربية تقول دحمان: "الكردال مفضل أكثر من غيره وهو عقد فضي ثقيل الوزن يغطي الصدر بأكمله بزخارف أسطوانية أو مخروطية مرتبطة بسلاسل لينة، وترتديه النسوة في المناسبات لأنه يحتوي على حبيبات فضية تحدث بريقا أثناء حركة المرأة، كما تستعمل المغربية قلائد تنتهي بحلقة مستديرة ذات نقوش أو عملات فضية، وهي ذات الاستعمال اليومي، وتكون مربعة أو مستطيلة ومجوفة، وتربط بسلسلة من طرفيها ويحفظ بداخلها آيات قرآنية أو أدعية، كما تتميز بزخارف إسلامية".
وتضيف "تقبل النسوة كذلك على اقتناء أقراط الأذن الفضية والتي تتميز بثقلها، وكبر حجمها، وتكون مزينة بالأحجار والحبيبات، وتوجد على هيئة مخروطية الشكل مدببة الأطراف، مزينة بنقوش هندسية وحبيبات فضية، كما تشتري المغربيات الخلاخل الفضية المجوفة والمزخرفة من الخارج، وهي كبيرة الحجم بيضاوية الشكل توضع داخلها حصاة أو جسم معدني، حتى تصدر صوتاً أثناء المشي".
وتشير دحمان إلى أهمية خواتم الفضة في زينة المرأة العصرية وتقول "تتنوع أشكال الخواتم الفضية حسب موقع الخاتم في اليد، وتتراوح أشكالها بين الدائرية والمثلثة والبارزة، وتكون مزينة في الغالب بحجر واحد متوسط الحجم بألوان هادئة مثل الوردي والبنفسجي، أو بألوان فاقعة مثل الأصفر والبرتقالي".
ويقول عمر (صائغ حلي)"هناك إقبال كبير على شراء الفضة، بفضل التشكيلات الجديدة التي ظهرت في الأسواق، وباتت تساير الموضة العالمية". ويضيف عمر الذي يعمل تحت إشراف صائغ محترف ومعروف بالمدينة "نقوم بإنتاج وتشكيل الحلي الفضية بصهر معدن الفضة، وصب السائل في قوالب خاصة، كما نستخدم أدوات التشكيل والحفر والتزيين".
ويضيف"حين نتفق نحن الصاغة على طبيعة الحلي الفضية المطلوب تنفيذها ومكوناتها ونوع عيار الفضة اللازم، نجهز سبائك الفضة بالكمية اللازمة، وننظف قوالب الصب، ونصب المعدن المنصهر في قالب التشكيل، وننظف السائل المصبوب، ونشكل الحلي بواسطة القص والطرق باستخدام أدوات الحفر اليدوي والآلي، ونلحم معدن الفضة حين يحتاج التصميم إلى ذلك باستخدام لهب الغاز، ونطعمه بالعقيق والأحجار، وتستمد صياغة الفضة أشكالها ونقوشها من أوراق النبات والتشكيلات الهندسية والنجوم".
ويرتدي المغاربة حلي الفضة لأسباب أخرى غير الزينة حيث يسود الاعتقاد بأنها بطريقة أو بأخرى سوف تحمي من يرتديها، بل وستجلب الحظ السعيد والفأل الحسن، كما تساعد على علاج أمراض الروماتيزم والأعصاب وتطرد الجن.
وتستعمل الفضة كذلك في صناعة الأواني وديكورات المنزل،حيث تطلى هذه المصنوعات بماء الفضة، ويثير شكلها الجميل ولونها البراق انتباه المارة، وتشكل أباريق الشاي والقهوة أكثر الأواني التي يحرص المغاربة على اقتنائها وتزيين البيت بها، إضافة إلى الصحون وصناديق حفظ المجوهرات، ويختلف سعرها بحسب جودة صنعها ونوع الفضة المستعملة ومدى نقاوتها".
وقد كانت صيانة الحلي الفضية في الماضي تتم بشكل أساسي باستخدام الفضة الخالصة، لكنها اليوم باتت تخلط مع النحاس والحديد لمضاعفة الربح، ويعمل صائغو الفضة على إعادة تصنيع الحلي القديمة بصهرها لصياغة حلي جديدة، مما جعل وجود النماذج القديمة جدا أمرا نادرا.
وقد استطاعت حلي الفضة المستورة أن تفرض نفسها في الأسواق المغربية، وتنافس الفضة المحلية التي تصنع في مدينة تزنيت،حيث إنها تباع بسعر أقل من سعر الفضة المحلية، ويفسر الصائغ عمر ارتفاع أسعار الفضة المغربية على المستوردة بقوله إن الأخيرة تنضاف إليها مواد أخرى، بينما الفضة المغربية خالصة ونقية مئة بالمئة، وتصنع يدويا وتحتوي على العديد من النقوش والزخارف التي تتطلب الكثير من الوقت، ولا تستخدم لنقشها أي آلة، وعن أوجه الاختلاف بين الحلية المحلية والمستوردة يقول"الفضة المستوردة بيضاء ولامعة، لأن المعامل الأجنبية والإسبانية منها على وجه الخصوص تضيف إليها مادة صناعية تمنحها لمعانا ولونا خالصا، بينما تكثر النقوش في الفضة المغربية ويترك هذا النقش على الفضة بقعا صغيرة سوداء".